فوجيء الوسط السياسي السوداني وغير المستعد اصلا للانتخابات بقرار تأجيل الحكومة للانتخابات البرلمانية والرئاسية والتي بموجب اتفاقية (نيفاشا) كان ينبغي ان تتم في هذا العام اي عام 2009 وكنت اعتقد انهم احرص على عقدها في هذا العام لانهم في الاساس مستعدون لها كامل العدة وبقية الخصوم في اوهن حالاتهم وغير مؤهلين لخوضها لاسباب تنظيمية ومالية وسياسية معلومة. ولكن يبدو انهم ارادوا بهذا القرار الفجائي اعطاء انفسهم مهلة زمنية لتوحيد صفوفهم لاغلاق كل الثغرات في حساباتهم لضمان الفوز بهذه الانتخابات الحاسمة والمصيرية حيث يسعون هذه الايام بشدة لاستعادة وحدة صف ( الاسلاميين) عندما استشعروا خطوات جادة هذه الايام من بقية القوى الوطنية وهي عاقدة النية والعزم على توحيد صفها تحت قائمة واحدة لتنزل بها في مواجهتهم في هذه الانتخابات ولذلك بداوا الان يستشعرون خطورة هذا التوحد المتوقع في صفوف القوى الوطنية والذي دعا اليه الحزب الشيوعي السوداني مؤخرا باعتباره الطريق الامثل والواقعي للفوز بهذه الانتخابات الحاسمة واقصاء الخصم اي ( المؤتمر الوطني) الحاكم ديموقراطيا باغلبية عددية ساحقة ربما لن تعطيه مقعدا واحدا في البرلمان القادم ولذلك جن جنونهم واصدروا هذا القرار الفجائي المخل بالاتفاق من غير الرجوع الى الشريك النيفاشي والذي يبدو انه غير معول على هذه الانتخابات ابدا بل معول على عام 2011 وهو عام الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب.
نعم ارادوا امهال انفسهم زمنا كافيا لتوحيد صف الحركة الاخوانية بكامل تفاصيلها المنفلتة والحردانة اي يطمحون في التصالح مع ( الشعبي) بقيادة عرابهم الترابي والذي اصبح شوكة في حلوقهم وهو يسعى للانتقام منهم بعد ان اهانوه واذلوه امام العالمين وهي معركة شخصية بينه وبين حوارييه وايضا يطمحون في عودة بعض من كوادرهم المؤثرة في حركة العدل والمساواة بقيادة دكتور خليل ابراهيم وهو احد كوادرهم السابقة وهو الذي فارق الرهط بعد ان تكشف له فسادهم واجرامهم واتجارهم باسم الدين الاسلامي ولذلك اعلن انحيازه الى اهله بموقف نضالي شريف عمده بدماء المئات من شهداء حركته في مواجهة ملته السابقة وقد ارهقهم جدا واثبت مقدرة فائقة في زلزلة اركانهم من خلال عمليات عسكرية نوعية وايضا يزعجهم تمدده السياسي في اقليم دارفور حيث صار صاحب القدح المعلى بين حركات دارفور عندما اثبت جديته في مكافحة اباطرة الخرطوم من ملته السابقة وقد حاز اعجاب غالبية اهل الاقليم وهو امر يزعج اولئك المجرمين في الخرطوم وهم يطمحون في ان تكون دارفور واهلها من نصيبهم في الانتخابات القادمة ويخافون ان تذهب مع خليل والذي ربما يدخل تحالف المعارضة الاقوى في القائمة الواحد ولذلك قدم اليه رفاق الامس وهم حكام الخرطوم كثيرا من التنازلات على طاولة مفاوضات الدوحة التي يشرف عليها التظيم الالسلامي العالمي واولها اطلاق سراح العراب الترابي وثانيها انهم غضوا الطرف عن تنفيذ احكام الاعدام الصادرة في حق اعضاء (العدل والمساواة) الذين ادينوا بالتورط في احداث امدرمان!
نعم انهم جادون جدا هذه المرة وقد استشعروا بالجد الخطورة على مستقبلهم ولذلك قرروا غض النظر عن كل الالام جراء الاستفزازات التي يكيلهم بها يوميا عرابهم المنتقم من حوارييه حسن الترابي منذ اطلاق سراحه وهو يجاهر برغبة الانتقام منهم وضرورة محاكمتهم دوليا وتسليم المجرم البشير للعدالة الدولية وقد اضطروا السيطرة على انفسهم من ايذاء شيخهم المنتقم ليس رحمة به بل كمغازلة مفضوحة لرفيقهم السابق دكتور خليل والذي كان شرطا اساسيا من شروط حضوره لمفاوضات الدوحة اطلاق سراح حسن الترابي بينما يهدد هؤلاء المجرمون بقية خصومهم من قوى المعارضة الاخرى بتقطيع الاوصال والتعذيب واهدار الدم اذا لمحوا مجرد التلميح بتعاطفهم مع قرار (الجنائية الدولية)!
وايضا يبدو انهم ارادوا بهذا التأجيل للانتخابات الى عام 2010 وهو العام السابق لعام الاستفتاء على الجنوب 2011 لتقرير مصيره سواء مع الوحدة او الانفصال لصيد اخر اي انهم يدركون ان شريكهم ( النيفاشي) الحركة الشعبية من كل ارهاصات تحركاتها انها ساعية بالجد للانفصال ولذلك ستكون في عام 2010 مشغولة جدا باحداث 2011 المصيرية وربما ستواجه قنابل موقوتة في ذات العام من قبل ذات الشريك المجرم وهو يضع امامها العقابيل في عام 2010 ولذلك ستكون ( في تولا) مشغولة في ازماتها وحريصة كل الحرص على الانفصال وسوف لن تعير وحدة الصف الوطني مع قوى الشمال ادنى اهتمام وبالتالي سيضمن المجرمون موقفا للحركة غير متحالف ومتضامن مع بقية خصومها في الشمال والذين يراهن المجرمون على الانفراد بهم في غياب الحركة الشعبية وبعد ان يوحدون صفوفهم وهم يمنون النفس بعودة (الترابي وخليل) ليضمنوا بهم ( تكبير الكوم) الاسلاموي في مواجهة الكوم المعارض هذا اذا لم تخب رهاناتهم السرية على كثير من الخصوم المرتشين حيث لا زالت عصبة (الانقاذ) تعتقد انها قد اشترتهم بالمال والمناصب والامتيازات وتمتلك ضدهم كثيرا من الكروت الابتزازية لاجبارهم في الوقت المناسب للتحالف معها وهي كروت ستستعملها عند اللزوم اذا استشعرت بان المرتشين ( سيفرنبون) ولذلك سنتوقع مفاجات مدهشة قبيل انعقاد هذا الحدث التاريخي اي الانتخابات المزعومة اذا لم يفعلها شعب السودان في لحظات عفوية من غير ان يشعروا ليطيح بالراشي والمرتشي في ثورة شعبية يقودها الجياع والمظلومون وهم يثارون لكرامتهم وادميتهم
وقطعا سيكون هذه المرة الانتقام عظيما لان الخراب الراهن قد تعدى بنيات الدولة المادية الى اعراض وشرف واخلاق المواطنين العاديين وهو امر ليس له مهر الا الدم والقصاص الثوري انتقاما لعشرات بل مئات الالاف من الضحايا اصابهم القتل والتعذيب والانتهاك واخشي بعدها ان لا نجد السودان ابدا في خارطة الدنيا اذا لم نستشعر منذ الان خطورة المستقبل في ظل غيبوبتنا وغفلتنا وما علينا الا تنظيم صفوفنا لاحداث هذه الثورة الجاهزة من حيث لا يحسبون لان الانتخابات مع هذا التأجيل التامري ستضيق فرص فوزنا بها لانهم يعملون مع سبق الاصرار والترصد للظفر بها بكل ما هو مشروع وما هو ( تحت الحزام) لانها قضية حياة وموت بالنسبة الى هؤلاء المجرمين!
الاثنين، 13 أبريل 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق